كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جَازَ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُهَا لَمْ يَنْدَفِعْ عِصْيَانُهُ بِتَرْكِ الْعَزْمِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَثَلًا، فَإِنْ نَوَى التَّأْخِيرَ لِلْجَمْعِ فَلَا إثْمَ مُطْلَقًا وَكَذَا إنْ فَعَلَ أَوْ عَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْوَقْتِ وَكَذَا إنْ عَزَمَ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْفِعْلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ نِيَّةِ التَّأْخِيرِ فِيهِ لِلْجَمْعِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا عَزَمَ إلَى بَقَاءِ قَدْرِ رَكْعَةٍ فَنَوَى التَّأْخِيرَ لِلْجَمْعِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ انْدَفَعَ عَنْهُ إثْمُ الْإِخْرَاجِ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَأَثِمَ بِتَرْكِ الْفِعْلِ أَوْ الْعَزْمِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَقَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ النِّيَّةِ إلَخْ أَيْ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ مَرْجُوحَةٌ.
وَالرَّاجِحُ أَيْ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وسم وع ش أَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يَسَعُهَا تَامَّةً إنْ لَمْ يُرِدْ الْقَصْرِ وَمَقْصُورَةً إنْ أَرَادَهُ كَمَا مَرَّ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: مَا لَا يَسَعُ رَكْعَةً) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَاعْتَمَدَ النِّهَايَةُ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ النِّيَّةَ إلَى مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً عَصَى وَتَكُونُ قَضَاءً.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ) أَقُولُ أَوْ وَقَدْ بَقِيَ مَا لَا يَسَعُهَا لَكِنَّهُ كَانَ عَزَمَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْوَقْتِ أَوْ التَّأْخِيرِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْته إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ الشَّرْطَ فِي الْأَمْرَيْنِ وُجُودَ النِّيَّةِ وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَخَّرَ الْأُولَى حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَضَاءٌ، وَإِنْ كَانَ نَوَى وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ فَتَأَمَّلْهُ سم وَهُوَ مُعْتَمَدُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْجَمْعِ عَدَمُ الْعِصْيَانِ وَهِيَ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ الزَّمَنِ لَيْسَ كَإِدْرَاكِ الْفِعْلِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَلَمْ يُوقِعْ مِنْهَا رَكْعَةً فِيهِ بِالْفِعْلِ كَانَتْ أَدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يَسَعُهَا تَامَّةً أَوْ مَقْصُورَةً كَمَا عَلِمْت شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ يَجْمَعُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ وُجُودِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي زَمَنٍ لَوْ اُبْتُدِئَتْ الْأُولَى فِيهِ لَوَقَعَتْ أَدَاءً وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْهُمْ وَتُشْتَرَطُ هَذِهِ النِّيَّةُ فِي وَقْتِ الْأُولَى بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً وَهُوَ مُبَيَّنٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحِ إنَّ مُرَادَهُ بِالْأَدَاءِ فِي الرَّوْضَةِ الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ بِأَنْ يُؤْتِيَ بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ فَتَسْمِيَتُهُ أَدَاءً بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَى كَلَامِ الْمَجْمُوعِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(وَلَوْ جَمَعَ) أَيْ أَرَادَ الْجَمْعَ (تَقْدِيمًا) بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى بِنِيَّتِهِ (فَصَارَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) أَوْ قَبْلَ فَرَاغِ الْأُولَى كَمَا بِأَصْلِهِ وَعَدَلَ عَنْهُ لِإِيهَامِهِ وَفَهْمِهِ مِمَّا ذُكِرَ (مُقِيمًا) بِنَحْوِ نِيَّةِ إقَامَةٍ أَوْ شَكَّ فِيهَا (بَطَلَ الْجَمْعُ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ فَيُؤَخِّرُ الثَّانِيَةَ لِوَقْتِهَا وَالْأُولَى صَحِيحَةٌ (وَ) إذَا صَارَ مُقِيمًا (فِي الثَّانِيَةِ وَ) مِثْلُهَا إذَا صَارَ مُقِيمًا (بَعْدَهَا لَا يَبْطُلُ) الْجَمْعُ (فِي الْأَصَحِّ) اكْتِفَاءً بِاقْتِرَانِ الْعُذْرِ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ الْبُطْلَانِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، وَإِنَّمَا مَنَعَتْ الْإِقَامَةُ أَثْنَاءَهَا الْقَصْرَ؛ لِأَنَّهَا تُنَافِيهِ بِخِلَافِ جِنْسِ الْجَمْعِ لِجَوَازِهِ بِالْمَطَرِ وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فِي أَثْنَائِهَا فَبَعْدَ فَرَاغِهَا أَوْلَى، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ أَضْعَفَ (أَوْ) جَمَعَ (تَأْخِيرًا فَأَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لَمْ يُؤَثِّرْ) اتِّفَاقًا كَجَمْعِ التَّقْدِيمِ وَأَوْلَى (وَ) إقَامَتِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ فَرَاغِهِمَا، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ (يَجْعَلُ الْأُولَى قَضَاءً)؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَبَعٌ لِلثَّانِيَةِ فَاعْتُبِرَ وُجُودُ سَبَبِ الْجَمْعِ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْمَتْبُوعَةَ وَأَقَامَ أَثْنَاءَ التَّابِعَةِ أَنَّهَا تَكُونُ أَدَاءً لِوُجُودِ الْعُذْرِ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَخَالَفَهُ آخَرُونَ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْجَمْعَيْنِ بِمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (وَيَجُوزُ) وَلَوْ لِلْمُقِيمِ (الْجَمْعُ) بَيْنَ مَا مَرَّ وَمِنْهُ الْجُمُعَةُ بَدَلُ الظُّهْرِ (بِالْمَطَرِ)، وَإِنْ ضَعُفَ بِشَرْطِ أَنْ يَبُلَّ الثَّوْبَ وَمِنْهُ شَفَّانِ وَهُوَ رِيحٌ بَارِدَةٌ فِيهَا مَطَرٌ خَفِيفٌ (تَقْدِيمًا) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا جَمِيعًا»، زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ كَمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَرَى ذَلِكَ لِعُذْرِ الْمَطَرِ وَاعْتُرِضَ بِرِوَايَتِهِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا شَاذَّةٌ أَوْ وَلَا مَطَرَ كَثِيرٌ فَانْدَفَعَ أَخْذُ أَئِمَّةٍ بِظَاهِرِهَا (وَالْجَدِيدُ مَنْعُهُ تَأْخِيرًا)؛ لِأَنَّ الْمَطَرَ قَدْ يَنْقَطِعُ فَيُؤَدِّي إلَى إخْرَاجِ الْأُولَى عَنْ وَقْتِهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَفَارَقَ السَّفَرَ بِأَنَّهُ إلَيْهِ فَاشْتَرَطَ الْعَزْمَ عَلَيْهِ عِنْدَ نِيَّةِ التَّأْخِيرِ، كَذَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَوَابُهُ فَاشْتُرِطَ عَدَمُ عَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ عِنْدَ نِيَّةِ التَّأْخِيرِ (وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ وُجُودُهُ) أَيْ الْمَطَرِ (أَوَّلَهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ لِيَتَحَقَّقَ الْجَمْعُ مَعَ الْعُذْرِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهُ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى) لِيَتَحَقَّقَ اتِّصَالُ آخِرِ الْأُولَى بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ وَقَضِيَّتُهُ اشْتِرَاطُ امْتِدَادِهِ بَيْنَهُمَا وهُوَ كَذَلِكَ وَتَيَقُّنُهُ لَهُ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاسْتِصْحَابُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي فَقَالَ: لَوْ قَالَ لِآخَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ اُنْظُرْ هَلْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ أَوْ لَا بَطَلَ جَمْعُهُ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ.
وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ غَيْرِ الْقَاضِي وَعَنْ الْقَاضِي خِلَافُهُ وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي تَنَاقَضَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ مَالَ إلَى أَنَّهُ يَكْفِي الِاسْتِصْحَابُ وَهُوَ الْقِيَاسُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَابُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي انْتِهَاءِ سَفَرِهِ (وَالثَّلْجُ وَالْبَرَدُ كَمَطَرٍ إنْ ذَابَا) وَبِلَا الثَّوْبِ لِوُجُودِ ضَابِطِهِ فِيهِمَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذُوبَا كَذَلِكَ وَمَشَقَّتُهُمَا نَوْعٌ آخَرُ لَمْ يَرِدْ.
نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قِطَعًا كِبَارًا يُخْشَى مِنْهُ جَازَ الْجَمْعُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ (وَالْأَظْهَرُ تَخْصِيصُ الرُّخْصَةِ بِالْمُصَلِّي جَمَاعَةً بِمَسْجِدٍ) أَوْ بِغَيْرِهِ (بَعِيدٍ) عَنْ مَحَلِّهِ بِحَيْثُ (يَتَأَذَّى) تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً (بِالْمَطَرِ فِي طَرِيقِهِ)؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ إنَّمَا تُوجَدُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ كَانَ يُصَلِّي بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ يَمْشِي إلَى الْمُصَلَّى فِي كِنٍّ أَوْ قُرْبٍ مِنْهُ أَوْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا بِالْمُصَلَّى لِانْتِفَاءِ التَّأَذِّي فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا وَلَا يُنَافِيهِ جَمْعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّ بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهَا كُلَّهَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ أَكْثَرُهَا كَانَ بَعِيدًا عَنْهُ فَلَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ حِينَ جَمَعَ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِالْمَسْجِدِ وَلِمَنْ اتَّفَقَ وُجُودُ الْمَطَرِ وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ أَنْ يَجْمَعَ وَإِلَّا احْتَاجَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَقَامَ أَمْ رَجَعَ، ثُمَّ أَعَادَ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بِنَحْوِ وَحْلٍ وَمَرَضٍ وَقَالَ كَثِيرُونَ يَجُوزُ وَاخْتِيرَ جَوَازُهُ بِالْمَرَضِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَيُرَاعَى الْأَرْفَقُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ يَزْدَادُ مَرَضُهُ كَأَنْ كَانَ يَحُمُّ مَثَلًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ قَدَّمَهَا بِشُرُوطِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَوْ وَقْتِ الْأُولَى أَخَّرَهَا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ وَبِمَا أَفْهَمَهُ مَا قَرَّرْته أَنَّ الْمَرَضَ مَوْجُودٌ وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ زِيَادَتِهِ وَعَدَمِهَا عَادَةً يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ فِي كَلَامِهِمْ هَذَا جَوَازُ تَعَاطِي الرُّخْصَة قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهَا اكْتِفَاءً بِالْعَادَةِ وَقَضِيَّتُهُ حِلُّ الْفِطْرِ قَبْلَ مَجِيءِ الْحُمَّى بِنَاءً عَلَى الْعَادَةِ وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ صَيَّرَ لِمَجِيئِهَا لَمْ يَسْتَمْرِئْ بِالطَّعَامِ لِاشْتِغَالِ الْبَدَنِ وَنَظِيرُهُ نَدْبُ الْفِطْرِ قَبْلَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ إذَا أَضْعَفَهُ الصَّوْمُ عَنْ الْقِتَالِ. اهـ. وَضَبَطَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ الْمَرَضَ هُنَا بِأَنَّهُ مَا يُشَقُّ مَعَهُ فِعْلُ كُلِّ فَرْضٍ فِي وَقْتِهِ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْمَطَرِ بِحَيْثُ تَبْتَلُّ ثِيَابُهُ، وَقَالَ آخَرُونَ لَابُدَّ مِنْ مَشَقَّةِ ظَاهِرَةٍ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ تُبِيحُ الْجُلُوسَ فِي الْفَرْضِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْته فِي ضَابِطِ الثَّانِيَةِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا فَصَارَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مُقِيمًا بَطَلَ الْجَمْعُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ وَقْتُ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَ الْجَمْعُ وَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ أَوْ تَقَعُ نَفْلًا عَلَى الْخِلَافِ فِي نَظَائِرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ مُضِيِّ رَكْعَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَمِمَّنْ رَدَّ عَلَيْهِ وَلَدُهُ الْجَلَالُ فَقَالَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ مُصَلٍّ لَهَا فِي الْوَقْتِ بِيَقِينٍ إذْ وَقْتُ الْأُولَى إنْ بَقِيَ فَهُوَ جَامِعٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُوقِعٌ لَهَا فِي وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ وَيُمْكِنُ وُقُوعُ بَعْضِهَا فِي وَقْتِ الْأُولَى وَبَعْضِهَا فِي وَقْتِهَا فَيَجُوزُ الْجَمْعُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى مَا يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ إذَا قَدِمَ يَكُونُ وَقْتُ الْأُولَى وَقْتًا لَهَا وَالصَّلَاةُ الْوَاقِعُ مِنْهَا رَكْعَةٌ فِي الْوَقْتِ أَدَاءً بَلْ يَنْبَغِي جَوَازُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا يَسَعُ بَعْضَ رَكْعَةٍ وَتَكُونُ أَدَاءً قَطْعًا؛ لِأَنَّ لَهَا فِي الْجَمْعِ وَقْتَيْنِ فَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ وَقْتِهَا. اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الرُّويَانِيُّ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَقَدْ يُشْكَلُ عَلَى قَوْلِهِ بَلْ يَنْبَغِي جَوَازُهُ إلَخْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ السَّابِقُ وَإِلَّا فَيَعْصِي وَتَكُونُ قَضَاءً إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِغَيْرِ مُرِيدِ التَّقْدِيمِ أَوْ غَيْرِ مَنْ شَرَعَ فِيهِ، وَإِنْ قَلَّ الْوَقْتُ عِنْدَ الشُّرُوعِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ أَرَادَ الْجَمْعَ) أَيْ بِدَلِيلٍ فَصَارَ إلَخْ فَهُوَ مَجَازٌ مَعَ قَرِينَتِهِ وَالْمَجَازُ أَبْلَغُ مِنْ الْحَقِيقَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا إذَا صَارَ مُقِيمًا) ذِكْرُ الْمِثْلِيَّةِ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِي فَبَعْدَ فَرَاغِهَا أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَمَعَ تَأْخِيرًا فَأَقَامَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الرُّويَانِيُّ، وَلَوْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَتَيَقَّنَ فِي تَشَهُّدِ الْعَصْرِ تَرْكَ سَجْدَةٍ لَا يَدْرِي أَنَّهَا مِنْهَا أَوْ مِنْ الظُّهْرِ أَتَى بِرَكْعَةٍ وَأَعَادَ الظُّهْرَ وَيَكُونُ جَامِعًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَدَّمَ الْعَصْرَ. اهـ.
شَرْحُ الْعُبَابِ أَقُولُ لَعَلَّ ذَلِكَ إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْإِحْرَامِ بِالْعَصْرِ وَإِلَّا فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ التَّرْكَ مِنْ الظُّهْرِ لَمْ تَنْعَقِدْ الْعَصْرُ فَكَيْفَ يَبْرَأُ مِنْهَا مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالُ.
(قَوْلُهُ: فِيهَا مَطَرٌ خَفِيفٌ) أَيْ يَبُلُّ الثَّوْبَ.
(قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ) أَيْ إلَّا الرَّابِعُ أَوْ الْمُرَادُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ التَّحَقُّقِ وَجَرَى عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ م ر أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: بَطَلَ جَمْعُهُ لِلشَّكِّ) هَلْ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ بَقَاؤُهُ وَاسْتِمْرَارُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ أَيْضًا فِي شَكٍّ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانِ الْعَدَمِ وَإِلَّا فَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِظَنِّ الْبَقَاءِ وَالِاسْتِمْرَارِ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا أَنَّهُ يَكْفِي الْقَصْرُ ظَنُّ طُولِ السَّفَرِ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ رُخْصَةٌ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي إدْرَاكِ رُكُوعِ الْإِمَامِ الَّذِي قِيلَ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ رُخْصَةٌ بِالِاكْتِفَاءِ بِالظَّنِّ أَوْ بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ) أَيْ وَكَذَا السَّيْلُ م ر.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: بِالْمُصَلِّي جَمَاعَةً) أَيْ وَإِنْ كُرِهَتْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ فَضْلِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَى وُجُودِ صُورَتِهَا لِانْدِفَاعِ الْإِثْمِ وَالْقِتَالِ عَلَى تَرْكِ فَرْضِيَّتِهَا شَرْحُ عُبَابٍ.
تَنْبِيهٌ:
يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ انْفَرَدُوا قَبْلَ تَمَامِ رَكْعَتِهَا الْأُولَى وَلَابُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامِ الْجَمَاعَةَ أَوْ الْإِمَامَةَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُونَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُمْ وَإِلَّا انْعَقَدَتْ، وَلَوْ تَبَاطَأَ عَنْهُ الْمَأْمُومُونَ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى التَّبَاطُؤِ فِي الْجُمُعَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيهَا أَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يُحْرِمُوا وَقَدْ بَقِيَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فَيُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يَقْتَدُوا بِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ بِمَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ هُنَا إلَى الرُّكُوعِ بِخِلَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا وُقُوعُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى جَمِيعِهَا فِي جَمَاعَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر.